تنحى الرئيس محمد حسنى مبارك

في اليوم التاسع عشر انتصرت الثورة الشعبية العارمة التي اجتاحت مصر بأكملها، وأعلن الرئيس حسني مبارك تنحيه عن منصبه بعد 30 عاما في
الحكم، وكلف المجلس الاعلى للقوات المسلحة ادارة شؤون البلاد.
وفي لحظات تاريخية اعلن اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية قرار تنحي الرئيس في السادسة وخمس دقائق بتوقيت القاهرة، السابعة وخمس دقائق بتوقيت الكويت.
وقال سليمان في بيان مقتضب «ايها المواطنون، في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد، قرر الرئيس محمد حسني مبارك تخليه عن منصب رئيس الجمهورية وكلف المجلس الاعلى للقوات المسلحة ادارة شؤون البلاد، والله الموفق والمستعان».
وفور إعلان سليمان قرار مبارك تنحيه عن السلطة اشتعل ميدان التحرير، وسط القاهرة، بهتافات الفرح من قبل المتظاهرين، الذين يحتشدون فيه.
ولوح مئات الالوف من المحتجين المصريين في ميدان التحرير بالاعلام وبكوا وهتفوا وعانقوا بعضهم بعضا.
واخذ المتظاهرون يهتفون في حالة هستيرية «الشعب خلاص اسقط النظام» وهم يصرخون فرحا ويلوحون بالاعلام المصرية. كما فقد البعض الوعي من شدة التأثر.
وفيما تدفق المصريون الى الشوارع للتعبير عن فرحهم بسقوط النظام، اطلقت النسوة في كل ارجاء البلاد «الزغاريد» من الشرفات احتفالا بتنحي مبارك.
وفي اول رد فعل كتب الشاب وائل غنيم خبير الانترنت الذي اصبح رمزا للثورة الشعبية في مصر على موقع تويتر «مبروك لمصر.. المجرم غادر القصر».
وفي الاسكندرية خرج مئات الألوف إلى الشوارع في مسيرات احتفالية.

تهديد للجيش
وقالت مصادر مصرية رفيعة المستوى إن قرار الرئيس المصري بالتنحي على السلطة جاء بعد تهديد قيادات الجيش له بتحويله للمحاكمة بتهمة الخيانة العظمى.
وقرر الرئيس المصري الانصياع لارادة الملايين من المصريين والتنحي عن رئاسة الجمهورية وتكليف القيادة العام للقوات المسلحة ادارة شؤون البلاد.
وترأس وزير الدفاع المصري المشير حسين طنطاوي المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي تسلم مهام الرئيس اثر تنحي مبارك.
وكان المتحدث باسم الحزب الوطني الحاكم محمد عبدالله اكد امس ان الرئيس مبارك موجود «في شرم الشيخ».
وكان مصدر مقرب من الحكومة قال في وقت سابق ان مبارك غادر القاهرة بصحبة عائلته كلها.

رسالة تطمين
ووجه الجيش المصري الذي تولى السلطة في البلاد في بيان اصدره مساء امس، رسالة تطمين الى الداخل والخارج، مؤكدا انه «لن يكون بديلا عن الشرعية التي يرتضيها الشعب».
وقال البيان «امام مطالب شعبنا العظيم في كل مكان باحداث تغييرات جذرية فان المجلس الاعلى للقوات المسلحة يتدارس هذا الامر وسيصدر لاحقا بيانات تحدد الخطوات والاجراءات والتدابير التي ستتبع»، مؤكدا انه ليس بديلا عن الشرعية التي يرتضيها الشعب.
ووجه الجيش في بيانه «كل التحية والاعزاز لارواح الشهداء الذين ضحوا بارواحهم فداء لحرية وامن بلدهم»، في اشارة الى ضحايا الانتفاضة المصرية التي استمرت 18 يوما.
وقدم الجيش «التحية والتقدير» للرئيس السابق «على موقفه الوطني في تفضيل المصلحة العليا للوطن».

20 مليون متظاهر
وقبل اعلان خطاب التنحي طغت حالة من الغضب العارم على المحتجين والمتظاهرين ويوحدهم مطلب واحد فقط لا غير.. ألا وهو رحيل الرئيس غير عابئين بكلمة نائب الرئيس عمر سليمان ولا بما تضمنه البيان الثاني للقوات المسلحة المصرية الذي تعهد بضمان التعهدات التي وردت في خطاب الرئيس مبارك مساء الخميس.
فقد اندفعت جموع الشعب في كل المدن والمحافظات المصرية الى الساحات بالملايين للمطالبة بخروج مبارك من الحكم وقد قدر عدد الذين تظاهروا بالامس باكثر من 20 مليونا في كل ارجاء مصر.
وفي القاهرة امتلأ ميدان التحرير وكل الطرق المؤدية اليه عن آخرها بالمتظاهرين الغاضبين.
وتوجه الاف المتظاهرين الى القصر الرئاسي في ضاحية مصر الجديدة بالقاهرة، فيما توجه الاف غيرهم الى مبنى الاذاعة والتلفزيون في وسط العاصمة.
وتوجه اكثر من ثلاثة الاف متظاهر الى المقر الرئيسي، في ضاحية مصر الجديدة بالقاهرة.
كما تجمع اكثر من الفي متظاهر خارج مبنى الاذاعة والتلفزيون، القريب من ميدان التحرير، حيث احتشد مئات الالاف في اليوم الثامن عشر لحركة الاحتجاج غير المسبوقة.

البيان الثاني
وكان الجيش المصري قد تعهد امس بـ «ضمان» تنفيذ تعهدات الرئيس مبارك بالاصلاح وخطته لنقل السلطة في البلاد.
واعلن الجيش في ما اسماه «البيان الثاني» انه «في اطار ما تقرر من تفويض لنائب رئيس الجمهورية من اختصاصات وايمانا بمسؤولياتنا الوطنية بحفظ واستقرار الوطن وسلامته قرر المجلس الاعلى للقوات المسلحة ضمان تنفيذ» الاصلاحات التي تعهد بها الرئيس المصري.
عدد البيان الاجراءات والاصلاحات التي سيضمنها، وابرزها:
- اجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة في ضوء ما تقرر من تعديلات دستورية.
- الفصل في الطعون الانتخابية وما يلي بشأنها من اجراءات، اي في الطعون في انتخابات مجلس الشعب المصري.
- عدم الملاحقة الامنية للشرفاء الذين رفضوا الفساد وطالبوا بالاصلاح.
- انهاء حالة الطوارئ فور انتهاء الظروف الحالية.
ودعا الجيش المصري الى «انتظام العمل بمرافق الدولة وعودة الحياة الطبيعية، حفاظا على مصالح وممتلكات شعبنا العظيم».
و«حذر» بيان المجلس الاعلى للقوات المسلحة من «المساس بأمن وسلامة الوطن والمواطنين».
وفي محاولة لبث الطمأنينة، خصوصا في نفوس المتظاهرين، اكد الجيش «التزامه برعاية مطالب الشعب المشروعة والسعي لتحقيقها من خلال متابعة تنفيذ هذه الاجراءات في التوقيتات المحددة بكل دقة وحزم حتى يتم الانتقال السلمي للسلطة وصولا الى المجتمع الديموقراطي الحر الذي يتطلع اليه ابناء الشعب».