الجزء الثاني
أرجوكـ يا خالد سامحني لو قصّرت عـليكـ في يوم ..
سامحني إذا أنا أخطيت عـليكـ أو ما سمعـت كلامكـ ..
في هالوقت خالد ما قدر يتمالكـ أعـصابه وسقطت دموعـه عـلى يد سارة !
قال لها : سارة .. صدقيني أنتِ أغـلى و أعـز ما أملكـ بهالوجود
و حط راسه عـلى صدرها و جلس يبكي !
جـت الطبيبة و قالت لهم : توكلوا عـلى الله .. و ادع لزوجتكـ
إن الله يسهــّـل عـليها الولادة ..
دخلتْ سارة غـرفة الولادة .. و معـها الطبيبة و الممرّضات ..
و خالد جالس يتذكر شريط حياته مع سـارة ..
من أوّل ما تزوجوا لين اليوم وهو يدعـي إن الله يسهل عـلى زوجته الولادة
راح ساعـة و خالد ينتظر لين حـسّ بالتعـب و تمدّد عـلى الكرسي ..
لعـلــّـه يرتاح بعـض الوقت ..
بعـد مضي ساعـتين و إذا بالطبيبة تصحيه من نومته ..
قالت له : مبروووكـ .. رزقكـ الله بولد ..
لم يتمالكـ نفســَـه من شدّة فرحته .. و مسكـ الطبيبة !
من دون شعـور .. و ضمّها إلا إنه تداركـ الوضع فتعـذر منها و شكرها ..
ثم توجه للقبلة .. و سجد شكراً لله ..
ثم قال للطبيبة .. كيف حال زوجتي ؟!
قالت إنها تعـبانة قليلاً .. و نقلناها لـ العـناية المركزة ..
قال خالد :
ما بها يا دكتورة .. طمنيني !
قالت له :
لديها نزيف حاد .. وارتفاع في الضغـط ..
مما جعـلها تدخل في غـيبوبة !
صُعـق خالد من هالخبر .. فكاد يغـشى عـليه مما حدث لزوجته
هـدّأته الطبيبة .. وقالت عـليك بالدعـاء لها ..
و نحن سنفعـل ما بوسعـنا واللي كاتبه الله بيصير ..
ذهب خالد و توضأ ثم صلى ركعـتين دعـى لزوجته بأن يشفيها الله ..
بعـدها ذهب ليرى ابنه !
وهو يضحكـ تارة ؛ فرحاً بابنه .. ويبكي تارة ؛ بسبب ما حل بزوجته
ثم ذهبَ إلى الطبيبة يستأذنها بالدخـول عـلى زوجته !
دخل عـلى زوجته فرآهـا صفـراء اللون .. شاحب وجهها !
والأجهزة عـلى جميع جسمها .. فـ بكى بكاءَ الطفل ..
بعـد أن كانت قبل قليل معـه بأتمّ صحةٍ وعـافية
كيف تبدّلت الأحوال .. و صار ما صار !!
جلس بجانبها يقـرأ عـليها القــرآن .. و يدعـو لها ..
أتت الطبيبة و أخبرته بأن عـليه أن يخرج لأنه ممنوع الزيارة لها !
خرج خالد إلى بيته وجلس هناكـ يصلي و يدعـي الله ..
إن يشفي زوجته .. إلى أن حس بالتعـب ثم ذهب لينام قليلاً ..
في منتصف الليــل جرس الهاتف يرن !!
و ردّ عـليه خالد .. إذا به المستشفى
ألو .. نعـم ..
أنت خــالـد ؟!
نعـم ..
أعـظـم الله أجركـ في زوجتكـ ..
أردنا أن نخبركـ إن زوجتكـ قد فارقت الحياة ..
لكي تأتي لـ إنهاء إجراءات استلامها !
سقطت السماعـة من يد خالد من الصدمة التي حلت به ..
و بكى حتى جفت عـيونه من الدموع !
اتصل عـلى أخيه و والده و أهل زوجته و أخبرهم ..
ذهب لـ المستشفى و قــرّر المستشفى خروج الاثنين من المستشفى ..
الأم و الطفل معـاً !!
جميع من في المستشفى بكى لهذا المنظر !!
خرجت الأمّ ملفوفـة ً بالأكفـان البيضـاء .. مودّعـة ً الدنيا وراءها !
و خرج الطفل ملفوفاً بخرقةٍ بيضاء لـ هذه الدنيا من دون أم
مستقـبلاً مستقبله المجهـول !
خرجوا في لحظةٍ واحدة .. وفي دقيقةٍ واحدة .. وفي سيارةٍ واحدة !
و لكنه لم يــُـكـتـب لهما أن يريا بعـضهما
و لم يــُـكـتـب لهما أن يجتمعـا !
اجـتـمـعـا طِـيـلـة تسعـة أشهـر و في اللحظات الأخيرة تفـرّقا !
خرجا من المستشفى و كلٌ منهما له طريق !!
الأمُّ إلى المقبرة .. والولد إلى بيت والده ..
أخذوا ســارة .. و نقلوها إلى القرية التي يعـيش بها أهلها وأهل زوجها ..
كي يُصلّى عـليها و تدفـن هناكـ ..
تقبل زوجها العـزاء بكل ألم ٍ و حسرة و مرارة ..
على فراق زوجته و هـو راض بقضاءِ الله و قدره ..
وضع خالد ابنه عند والدته كي تهتمّ برعـايته وتربيته ..
اهتم خالد بصغـيره ( فهد ) الذي أسماه عـلى اسم والد زوجته..
وفاءً لعـهدِه لها .. و إكراماً لحبــّـه لها ..